الضفة الغربية وغزة: الغضب المتزايد تجاه السلطة الفلسطينية وتداعياته
الضفة الغربية وغزة: الغضب المتزايد تجاه السلطة الفلسطينية وتداعياته
تشهد مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة اليوم انقسامًا عميقًا وغضبًا متصاعدًا في أعقاب الأحداث الأخيرة، بما في ذلك الصراع الدائر بينإسرائيل والمقاومة الفلسطينية في غزة وتصاعد التوترات بين الفلسطينيين والسلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس. يظهر هذا الغضب منخلال مظاهرات تضامنية وانتقادات حادة توجه للسلطة الفلسطينية، ويتسبب في تداعيات معقدة تستحق التفكير والتحليل العميق.
قبل أن نتناول هذا الغضب المتزايد وتداعياته، دعونا نلقي نظرة سريعة على الخلفية التاريخية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. تأسستالسلطة الوطنية الفلسطينية كجزء من اتفاقيات أوسلو في عام 1993. وقد كانت هذه السلطة مفترضًا أن تكون الركيزة الأساسية لتحقيقدولة فلسطينية مستقلة. ولكن مع مرور الزمن، توقفت عملية السلام عن النمو والتقدم، وبدأ الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية فيالتوسع.
التصاعد الحالي:
على مدى الأعوام العشرة الماضية، تراجعت مكانة السلطة الفلسطينية بشكل كبير. أصبح الفلسطينيون يراقبون كيف يتم تنفيذ المداهماتالإسرائيلية بشكل دوري، وكيف تتكرر المواجهات بين الفلسطينيين والمستوطنين. في الوقت نفسه، تمسكت السلطة الفلسطينية بالحلولالسلمية والتفاوض كوسيلة لتحقيق دولة فلسطينية.
ومع بداية عملية "طوفان الأقصى" وتصاعد الصراع بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، تراجعت السلطة الفلسطينية عناتخاذ موقف حازم. وهذا ما أثار غضب الكثير من الفلسطينيين. اعتبروا أنها لم تكن موثوقة ولم تستطع الرد بفعالية على التحديات التيواجهتها.
يظهر هذا الغضب بشكل واضح في مظاهرات تضامنية في الضفة الغربية تطالب برحيل محمود عباس. لاحظ الناس أن مكانة عباسوالسلطة الفلسطينية تضاءلت بشكل كبير في الفترة الأخيرة. تم مهاجمة السلطة الفلسطينية ومعترضيها على توجيه انتقاداتهم لحماسبشكل غير حاسم.
وفي هذا السياق، نشرت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا" تصريحًا لمحمود عباس أدين فيه بأن سياسات حماس لا تمثل الشعبالفلسطيني. ومع ذلك، تم حذف هذه التصريحات فيما بعد. عباس أيضًا أدين بإدانة القتل المدنيين من الجانبين قبل لقائه وزير الخارجيةالأميركي.
تداعيات الغضب:
تحمل الأحداث الحالية تداعيات كبيرة ومعقدة. بعد قصف المستشفى الأهلي العربي في غزة والذي تسبب في خسائر بشرية هائلة، تم إلغاءقمة رباعية كان من المقرر عقدها في عمّان بين الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس الفلسطينيمحمود عباس والملك الأردني عبد الله الثاني.
محمود عباس أدين بشدة قصف المستشفى وأعلن الحداد لمدة ثلاثة أيام. ومع ذلك، خرج المئات من الفلسطينيين في مظاهرات ينددون بأداءالسلطة الفلسطينية ويطالبون برحيل محمود عباس ووقف التنسيق الأمني مع إسرائيل.
في هذا السياق، يجد البعض أن الرئيس الفلسطيني عباس أسلوبه في التعامل مع هذه الأحداث لم يكن قويًا بما يكفي. ولم يتمكن من الردبفعالية على الأحداث الجارية في غزة. هذا دليل واضح على أن السلطة الفلسطينية أصبحت تتماهى بشكل متزايد مع سياسة إسرائيلوليس لديها قدرة على تقديم الحماية للفلسطينيين.
طلبات وآمال الفلسطينيين:
مع تصاعد الغضب ضد السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس، تتزايد طلبات وآمال الفلسطينيين. يُطالب العديد برحيل عباس وانتخابرئيس جديد للسلطة الفلسطينية. عباس، الذي يبلغ من العمر 88 عامًا، يتولى رئاسة السلطة الفلسطينية منذ أكثر من 18 عامًا. يروجالبعض لفكرة أنه ينبغي عليه الانتقال والسماح بنسلسلة جديدة من القادة. تتزايد أيضًا الضغوط لتوقف التنسيق الأمني بين الفلسطينيينوإسرائيل.
دور المجتمع الدولي:
يعكس هذا الغضب المتصاعد انعدام الثقة في دور المجتمع الدولي والشرعية الدولية. لقد راهنت السلطة الفلسطينية والرئيس عباس على أنالمجتمع الدولي سيفرض ضغطًا على إسرائيل للتوصل إلى اتفاق يقضي بانسحابها إلى حدود عام 1967 ويمهد الطريق لقيام دولةفلسطينية. ومع ذلك، فإن الفلسطينيين شعروا بأن المجتمع الدولي لم يكن يهتم بدمائهم ومعاناتهم، مما أدى إلى تصاعد الغضب الشعبي.
تأكيدًا على هذا الغضب، أظهر استطلاع رأي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في سبتمبر الماضي أن 58% منالفلسطينيين أعربوا عن تأييدهم للانتفاضة والمواجهات المسلحة، مقابل 20% يؤيدون المفاوضات و24% يؤيدون المقاومة السلمية. كمايطالب 78% من الفلسطينيين برحيل عباس وانتخاب رئيس جديد للسلطة الفلسطينية. تجدد هذه الدعوة لأن الولاية الرئاسية لعباس قدانتهت في عام 2009، ولكنه بقي في المنصب دون إجراء انتخابات.
الاستنتاج:
الصراع الفلسطيني الإسرائيلي مستمر ومعقد. يظهر الغضب المتزايد في الضفة الغربية وغزة وتداعياته تحديات كبيرة تواجه الفلسطينيين. بينما تزداد الدعوات لرحيل عباس وتغيير القيادة، يظهر أن الأمور لن تكون بسيطة. يجب على المجتمع الدولي والأطراف المعنية تبنياستراتيجيات جديدة لتحقيق السلام في هذه المنطقة المضطربة
