زلزال لشبونة 1755.. النقطة المفتاحية في ظهور الحداثة والتنوير

 زلزال لشبونة 1755.. النقطة المفتاحية في ظهور الحداثة والتنوير


زلزال لشبونة



في يومٍ مشؤوم، تحديدًا في الساعة 9:40 صباحًا من يوم نوفمبر/تشرين الثاني عام 1755، هز زلزال عنيف مدينة لشبونة، التي كانتعاصمة الإمبراطورية البرتغالية آنذاك، وألحق بها دمارًا هائلًا وخلف العديد من الزلازل الارتدادية التي أسفرت عن خسائر فادحةهذاالكارثة أدت إلى تدمير المباني والمنازل واندلاع حرائق مروعة، ما أسفر عن وفاة أكثر من 100 ألف شخص.


قام هذا الزلزال بتحدي الجميع وأسقط المدينة من عروشها، فبدأت نقاشات عنيفة بين الفلاسفة والمفكرين الأوروبيين بما في ذلك الفرنسيالشهير فولتير، وزميله الفرنسي جان جاك روسو، والفيلسوف الألماني غوتفريد ليبنتز، والعديد من الآخرينتسبب هذا الزلزال في إطلاقمفهوم "علم الزلازلوأحدث نقلة هامة بين التبذير والتنظيم، وأسهم في انتقال العالم نحو فترة شهدت لاحقًا تطورًا هائلاً تعرف 

بـ"عصرالتنوير".


جان جاك روسو، وفولتير، وليبنتز ، وإيمانويل كانط

فلاسفة عصر التنوير: 




في ذلك الزمن، كانت أوروبا تمر بتحولات فكرية مهمة، حيث كانت القارة بأكملها تخضع لسيطرة الملوك والكنيسة بشكل كاملفبدأت حركاتالتفكير في عصر التنوير تشكك في أدوار الكنيسة والدولة والطبقة الأرستقراطية وسط تحكمهم بحياة الناس، وهذا أدى إلى دعوات لفصلالسلطة بين الكنيسة والدولة.


كانت آثار زلزال لشبونة ليست محددة بالضرر المادي فقطفقد أثر بشكل كبير على الفلسفة الأوروبية والتفكير الفلسفي، حيث قاد الفلاسفةواللاهوتيين إلى إعادة النظر في مسائل ميتافيزيقية كبيرة، مثل طبيعة الشر وعدالة الإله وسببية الخيربالإضافة إلى ذلك، دفع هذا الزلزالالفلاسفة إلى تطوير منهجهم في فهم الظواهر الطبيعية وعلاقتها بأفعال الإنسان.


زلزال لشبونة هز عقول المثقفين في أوروبا ولهذا تأثير طويل الأمدعلى الرغم من أن أخبار الزلزال استغرقت وقتًا طويلًا للوصول إلى بعضالمفكرين نظرًا لعدم وجود وسائل سريعة للاتصال في تلك الفترة، إلا أنها ألهمت فولتير، الذي كتب قصيدة "قصيدة عن كارثة لشبونةورو


اية "كنديد أو التفاؤلبتصرف، حيث انتقد فلسفة التفاؤل التي تمثلها أفكار الفيلسوف الألماني غوتفريد فيلهيلم ليبنتز والشاعر الإنجليزيألكسندر بوب.


في روايته الشهيرة "كنديد أو التفاؤل"، هاجم فولتير الفلسفة التفاؤلية التي تعتقد بخيرية هذا العالم بشكل أساسيعلى عكس ليبنتزوبوب، اللذين قالوا إن هذا العالم هو أفضل ممكن، شكك فولتير في هذا التفاؤل واعتبر أن العالم مليء بالشرور والألم.


بالمقابل، كتب جان جاك روسو، المفكر الفرنسي الآخر، رسالة طويلة إلى فولتير في أغسطس 1756 بردًا على قصيدتهاعتبر روسو أنفولتير كان متشائمًا بشكل زائد واعتبر أنه يزيد من معاناة الإنسانروسو كان يروج لنمط بسيط من الحياة يقلل من تأثيرات الإنسان علىالطبيعة.


إيمانويل كانط، الفيلسوف الألماني، قدم نظرة مختلفة تجاه الزلزالحاول التقرب منه من منظور علمي وكتب عنه في 3 نصوص منفصلة،محاولًا فهم هذه الكارثة بشكل علمي بدلاً من سلبيسعى إلى دراسة وتفسير الزلزال بشكل علمي، مما أسهم في تطور علم الزلازل.


ببساطة، زلزال لشبونة كان النقطة المفتاحية في ظهور الحداثة والتنويرساهم بفتح أبواب التفكير العلمي والمنطقي ودفع العالم نحو تحقيقمزيد من التقدم والتطوروعلى الرغم من المأساة التي خلفها، فقد جعلنا نفكر في العالم بشكل جديد، وفتح الباب أمام التقدم والازدهار فيمجال العلوم والفلسفة.

Next Post Previous Post
No Comment
Add Comment
comment url